الأرشيف الشهري: أفريل 2014

إلى وطن 2

206467_213525118658455_213524568658510_910483_7096041_n

آهٍ كم أشتاقُ إليك!

أعلمُ انَّ حنيني غير مُجدٍ فأنا لا أزال هنا بعيداً عنك و لن أعودَ قريباً ، و ربَّما لن أعود للأبد ، لا أعرف! لكنَّ قلبي و ذاكرتي وألمي وحتَّى أصابعي ألحَّت عليَّ بالكتابة فأطعتها و بدأت املأُ السُّطورَ . أشغلُ الفراغات علَّ هذه النوستالجيا تذهب من حيث أتت وتتركني كما تعوَّدتُ  ، غريباً وحيداً هنا  بلا مواجهاتٍ و صور تجعلني أشتاق و أتذكَّر!

أنا آسفٌ يا حبيبي فرسائلي كلماتُ مشتَّتة وجملٌ مفتوحة ، هي مثلي ضائعة تبحث عن تعريفٍ لها . ولا أظنُّ أنِّي سأجد الحلّ رغم أنِّي أحاول أن أكون حاسمة وقاطعة وأن أجد تعريفاً للأشياء داخلي ، أن أجد تعريفكِ داخلي ! وكما رأيت تظلُّ رسائلي غامضة و بلا معنىً واضح ، عن شوقٍ و حبٍّ و مشاعرَ فضفاضة لا تقودك أو تقودني لشئ سوى أن نقتات على ذكرياتٍ تفضح عجزي عن اتخاذ قرار و ابتزازي لك بعواطفٍ أسمعُ صوت بكائها هناك ، حيث أنت و دموعٌ وأشياءَ أخرى ، و أنا هنا بلاك ! أنت ثيمةُ أحلامي ولا وعيي و يقظتي و ربَّما لهذا كتبتُ إليك و بلا وعيٍ منِّي ، لأخُطَّ ذلك على ورق و لأوثِّقه و أبروزه لأعلِّقه على الحائط شاهداً على أنِّي يوماً ارتبطتُ بك ، أنَّا كُنَّا جزءاً واحداً و روحاً وهويَّة واحدة .

” لأنَّ من أحبَّ وطنه تغرَّب من أجله”
برناردين دي سان بيير

قرأتُ هذه الجملة يوماً و أعادتني لذات اليوم الذي رحلت فيه و هجرتُك ، أنا لم أهجرك لكنَّك ظننت هذا و ظلًّ هذا الشُّعور بالذنب يلاحقني في رسائلي و في كلِّ مرَّةٍ أسمعُ اسمك فيها ، اقرؤك في جريدةٍ صباحية أو أسمع أغنيةً قديمة تحكيك و تحكي آلام الغربة عن ترابك ! لذا أجدُ نفسي الآن لا تتكلَّف ، صريحةُ تُفصح عن أسبابها أوعلى الأقلّ لا تبرِّر لها خوفاً من لعنتك أو نفيك لها . حقيقةٌ أنِّي تركتك و أنِّي في لحظةٍ كنتُ ضائعاً مابين قرارين أن أظلَّ فيك كما أنا وأدور في دوائرَ مغلقة ،  أو أبحثُ عن حرّيتي و سقف طموحاتي بعيداً عنك ! لأعود لك يوماً و أعيدَ مجداً مسروقاً و هويةً ناقصة اكتسبتها حين ولدتُ و انتسبتُ إليك ! نعم كانت هويّة ناقصة ،  لذا أحياناً كنتُ ومن حولي نهربُ منك و نحاولُ أن تختبئ من قضيّةٍ أكبر وراء انتقادنا لشوراعك و سياستك و صيفك الحارّ و ننسى أنَّا هذا و أنَّنا ذاك !

قررتُ أن أنضج و أن أتوقَّف عن قول ترهاتٍ و لا شئ . و أن أذهب بعيداً عنك وأن أعمل في صمتٍ من أجلك  ، و أتحمَّل لومك إن لمت ! و أعودُ يوماً ،  أريدُ أن أعود يوماً ، لأطبع على ترابك قبلةَ مشتاق و تلامس جبهتي جبين شمسك و تحرقني حبَّاً و عتاباً و فرحةَ مُحبٍّ و أمٍّ لعودة ابنها من سفرٍ طويل ، لأهديك نفسي و أيَّامي و ابنائي ، فقط امهلني قليلاً !!