الأرشيف الشهري: ماي 2014

ها نحن نبدأ من جديد

GirlInredPolkaDotDressOnBike-850x400-1
(1)

ولسطورِ الأوراق معيَ سرّ ولذّة مستمرَّة بأن أجتاحها ، و أهزمها قصّاً و شعراً و نثراً !

أقولُ هذا الآن ، حيث أصبحت الأوراق مثواي و نافذتي التي أرى بها . قبلها كنتُ ألقي بأيِّ ورقة تصادفني ، أو أعبِّئها خطوطاً و دوائر و أشكال مُبهمة مبعثرة هنا أو هناك فتفد الورقة  ملامحها وسْط هذا العبث . أحصرها في تفريغ مقالٍ أو آخر ، مراجعة نظرية أو حتَّى جغرافيّة منطقة ما  حين ينذر الإمتحان بأوان موعده ! و أنساها بعد ذلك  ، أهملها و أكدِّسها فوق بعضٍ حتَّى إشعارٍ آخر .

تذبلُ  الأوراق حين أهجرها ، تصبح لها رائحة مُميَّزة و نفَّاذة ، رائحة التخلِّي و الإهمال و روائح أخرى من آثار أتربةٍ أو مطر تساقط على حبر الورق في أمسيةٍ ما و أحاله بُقعاً زرقاء خالصة كسماءٍ أو كبحر .

ها أنا ابدأ من جديد !

أضمُّ الصَّفحات لقلبي  ، أشتمُّ رائحتها و أحلمُ بها ، و في اليقظة أقترب منها و ألامسها ! وبشئ أقرب للتقديس أبدأ أخطُّ كلماتٍ توازي سطورها تجعلها أكثر اتساقاً و اتزاناً ، تملأ فراغ  روحها و تحكي لها عن الشئ و اللاشئ و ترهات أخرى !

  (2)

– هل تذكرينَ مدرستنا ؟ هويَّتنا القديمة ، ملاذنا الدائم !

– كيف لا ! لا زالت تلك الصورة حاضرة أمامي ، و أنا أكتشف طبيعة الأشياء من حولي و أكتشف ذلك المبنى العتيق فإذا بي أكتشف نفسي !

– نعم ! لقد كنَّا صغاراً ! لا تزال آثار اللعب بالتُّراب مخفيَّة في ملابسنا و عالقة بذاكرتنا ، رائحته تضفي إلينا حنيناً  و في ذات الوقت حِنقاً على هذه المدرسة  الدخيلة علينا .

– وهل تراكِ تذكرين عداوتنا الطفوليّة تلك المؤامرات الهزلية و المشاعر البريئة و التي كانت في اعتقادنا غيْظاً حقيقياً  ؟

– بل هي كل ما أذكر صديقتي ، هي و بعضُ قصصٍ من ركن أو آخر و شجيرات ٍو نافذة ! كم كنَّا متضادّات آنها لا تقرب إحدانا الأخرى . كنَّا طفلتان و بمنطقٍ أو بآخر توصَّلنا إلى أنَّ ما بيننا من هوةٍ و فجوة كبير و عظيم ، وتبدَّل ترتيب الأشياء !

– و لكنَّ القدر جمعَ بيننا بشكلٍ أو بآخر ! و كنَّا حين نلتقي نبتسم في وجه القدر ونقتل الصمت بكم سؤالٍ عابر و متوقَّع ! و تمضي كلُّ واحدة مِنَّا تضحك على ذلك العبث البرئ و خيالات الطفولة !

– و الآن بعد  سنواتٍ و ابتسامات عابرة ، لا أكاد أذكر السَّبب الذي أضعنا به وقتاً كان من الممكن أن نقضيه سوياً ، أن نفرحه و نحزنه سوياً !

بتّ أكثر من صديقة لي .

– وها نحنُ نبدأ من جديد صديقتي و رفيقتي و قهوتي الصَّباحية.

– كم أحبُّ حين تنادينني ب ” قهوتي” ! وكم أحبُّ الصَّداقة و أقدّسها يوم بيوم أكثر بسببك .

– و ها نحن نبدأ من جديد !